وبعد ما أعلن الإمام الحسين (ع) رفضه الكامل لبيعة يزيد اتجه مع أهل بيته إلى مكة التي هي حرم الله، وحرم رسوله، عائذا ببيتها الحرام الذي فرض فيه تعالى الامن والطمأنينة لجميع العباد.
لقد اتجه إلى هذا البلد الأمين ليكون بمأمن من شرور الأمويين واعتداءاتهم، ويقول المؤرخون: إنه خرج ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنة (60 ه) (1) وقد خيم الذعر على المدنيين حينما رؤوا آل النبي (ص) ينزحون عنهم إلى غير مآب.
وفصل الركب من يثرب، وهو جاد في مسيرته، وكان الإمام (ع) يتلو قوله تعالى:
" رب نجني من القوم الظالمين " لقد شبه خروجه بخروج موسى على فرعون زمانه، وكذلك قد خرج على طاغية زمانه فرعون هذه الأمة ليقيم الحق، ويبني صروح العدل وسلك الطريق العام الذي يسلكه الناس من دون أن يتجنب عنه، وأشار عليه بعض أصحابه ان يحيد عنه - كما فعل ابن الزبير - مخافة أن يدركه الطلب من السلطة في يثرب، فاجابه عليه السلام بكل بساطة وثقة في النفس قائلا:
(لا والله لا فارقت هذا الطريق ابدا أو انظر إلى أبيات مكة، أو يقضي الله في ذلك ما يجب ويرضى.. ".
لقد رضي بكل قضاء يبرمه الله، ولم يضعف، ولم توهن عزيمته الاحداث الهائلة التي لا يطيقها أي انسان، وكان يتمثل في أثناء مسيرته