ودعا الأمة باسم الحق إلى الالتفات حوله لتحمى حقوقها وتصون كرامتها وعزتها التي انهارت على أيدي الأمويين، وإذا لم تستجب لنصرته فسيواصل وحده مسيرته النضالية بصبر وثبات في مناجزة الظالمين والمعتدين حتى يحكم الله بينه وبينهم بالحق وهو خير الحاكمين... كما حدد الامام خروجه بأنه يريد أن يسير على منهاج جده وأبيه، وليس على منهاج أي أحد من الخلفاء.
وهذه الوصية من البنود التي نرجع إليها في دراستنا عن أسباب ثورته (ع).
وتهيأ الامام بعد وصيته لأخيه محمد إلى السفر إلى مكة ليلتقي بحجاج بيت الله الحرام وغيرهم، ويعرض عليهم الأوضاع الراهنة في البلاد، وما تعانيه الأمة من الأزمات والاخطار في عهد يزيد.
وقبل أن يغادر الإمام (ع) يثرب متجها إلى مكة دخل مسجد جده الرسول (ص) وهو غارق في الأسى والشجون فالقى عليه نظرة الوداع الأخير، وقد نظر إلى محراب جده (ص) ومنبره، فطافت به ذكريات ذلك العطف الذي كان يفيضه عليه جده (ص) حينما كان في غضون الصبا، فلم ينس الحسين في جميع فترات حياته ذلك الحنان الذي أغدقه عليه جده حينما يقول فيه:
" حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط... ":
وتذكر كيف كان النبي (ص) يفرغ عليه ما انطوت عليه نفسه الكبيرة من المثل العليا التي كان بها خاتم النبيين وسيد المرسلين، وأيقن انه لم يكن يشيع ذلك في نفسه بمحض العاطفة بل بشعور آخر هو الابقاء على رسالته، ومبادئه، ورأى أنه لا بد أن يقدم التضحية الرهيبة التي تصون