وانصرف أبي الضيم إلى منزله فاغتسل، وصلى ودعا الله (1) وأمر أهل بيته بلبس السلاح والخروج معه، فخفوا محدقين به، فأمرهم بالجلوس على باب الدار، وقال لهم: اني داخل فإذا دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فأدخلوني علي بأجمعكم، ودخل الامام على الوليد فرأى مروان عنده وكانت بينهما قطيعة فأمرهما الامام بالتقارب والاصلاح، وترك الأحقاد، وكانت سجية الإمام (ع) التي طبع عليها الاصلاح حتى مع أعدائه وخصومه، فقال (ع) لهما:
" الصلة خير من القطيعة، والصلح خير من الفساد، وقد آن لكما أن تجتمعا، أصلح الله ذا بينكما. " (2) ولم يجيباه بشئ فقد علاهما صمت رهيب، والتفت الامام إلى الوليد فقال له: هل اتاك من معاوية خير؟ فإنه كان عليلا وقد طالت علته، فكيف حاله الان؟
فقال الوليد بصوت خافت حزين النبرات:
" آجرك الله في معاوية فقد كان لك عم صدوق، وقد ذاق الموت وهذا كتاب أمير المؤمنين يزيد... ".
فاسترجع الحسين، وقال له:
" لماذا دعوتني؟ ".
" دعوتك للبيعة " (3) فقال (ع): إن مثلي لا يبايع سرا، ولا يجتزئ بها مني سرا، فإذا خرجت إلى الناس ودعتهم للبيعة، دعوتنا معهم كان الامر واحدا.