الأمصار فيختلف الناس بينهم فطائفة معك، وأخرى عليك، فيقتتلون، فتكون لأول الأسنة غرضا، فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا وأبا وأما أضيعها دما وأذلها اهلا.. ".
وبادر الإمام الحسين فقال له:
" أين أذهب؟ " " تنزل مكة فان اطمانت بك الدار، والا لحقت بالرمال، وشعب الجبال وخرجت من بلد إلى آخر حتى ننظر ما يصير إليه أمر الناس، فإنك أصوب ما تكون رأيا وأحزمهم عملا، حتى تستقل الأمور استقبالا ولا تكون الأمور أبدا أشكل عليك منها حتى تستدبرها استدبارا " (1).
وانطلق الامام وهو غير حافل بالاحداث، فأخبره عن عزمه وتصميمه الكامل على رفض البيعة ليزيد قائلا:
" يا أخي: لو لم يكن في الدنيا ملجا ولا مأوى لما بايعت يزيد ان معاوية ".
وانفجر ابن الحنفية بالبكاء، فقد أيقن بالرزء القاصم، واستشف ماذا سيجري على أخيه من الرزايا والخطوب، وشكر الامام نصيحته وقال له: " يا أخي: جزاك الله خيرا لقد نصحت، وأشرت بالصواب، وأنا عازم على الخروج إلى مكة، وقد تهيأت لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي وشيعتي أمرهم أمري، ورأيهم رأيي، وأما أنت فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا لا تخف عني شيئا من أمورهم " (2).