لقد طلب الامام تأجيل الامر إلى الصباح، حنى يعقد اجتماع جماهيري فيدلي برأيه في شحب البيعة ليزيد، ويستنهض همم المسلمين على الثورة والإطاحة بحكمه، وكان الوليد - فيما يقول المؤرخون - بحب العافية ويكره الفتنة فشكر الامام على مقالته، وسمح له بالانصراف إلى داره، وانبرى الوغد الخبيث مروان بن الحكم وهو مغيظ محنق فصاح بالوليد " " لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبسه فان بايع والا ضربت عنقه ".
ووثب أبي الضيم إلى الوزغ ابن الوزغ فقال له:
" يا بن الزرقاء أأنت تقتلني أم هو؟ كذبت والله ولؤمت " (1).
وأقبل على الوليد فأخبره عن عزمه وتصميمه على رفض البيعة ليزيد قائلا:
" أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة ومحل الرحمة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب خمر قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر، وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة " (2).
وكان هذا أول اعلان له على الصعيد الرسمي - بعد هلاك معاوية - في رفض البيعة ليزيد، وقد أعلن ذلك في بيت الامارة ورواق السلطة بدون مبالاة ولا خوف ولا ذعر.
لقد جاء تصريحه بالرفض لبيعة يزيد معبرا عن تصميمه، وتوطين نفسه حتى النهاية على التضحية عن سمو مبدئه، وشرف عقيدته، فهو بحكم مواريثه الروحية ك، وبحكم بيته الذي كان ملتقى لجميع الكمالات الانسانية