دوافعها ومجرياتها فإنه يكون بحثا تقليديا لا روح فيه، ولا ثمرة تعود فيه على القراء.
وقد ألمعنا في الحلقة الأولى من هذا الكتاب إلى الكثير من الاحداث وعرضنا الأنظمة السياسية والاقتصادية التي وضع برامجها الخلفاء في العصر الأول، وقد تأملنا في كثير منها بتحفظ وتجرد شان الباحث الذي يهمه الوصول إلى الواقع مهما استطاع إليه سبيلا، وانى - فيما اعتقد - ان من الاثم وتعمد الجهل ان نتكلف اخفاء أي ناحية من النواحي السياسية أو الاجتماعية في ذلك العصر فان اخفاء ذلك من ألوان التضليل والدجل على القراء.
وليس في دراسة التاريخ منهجية تغيير له أو قلب لمفاهيمه، أو خروج عن موازين البحث العلمي المجرد، وإنما هي من صميمه كما هي من متطلبات الحياة الثقافية في هذا العصر.
وعلى أي حال فان هذه الدارسة ترتبط ارتباطا ذاتيا وموضوعيا بحياة الإمام الحسين، فقد عاش ذلك الحقبة الخاصة من الزمن المليئة بالاحداث وقد نظر إليها بعمق وشمول، ووقف على أهدافها وهي - من دون شك - قد ساهمت مساهمة ايجابية في كثير من الاحداث التي فزع منها المسلمون والتي كان منها كارثة كربلاء، فإنها كانت إحدى النتائج المباشرة لذلك التخدير الذي منيت به الأمة من جراء الحكم الأموي الذي جهد على شل الحياة الفكرية والاجتماعية وإشاعة الانتهازية بين المسلمين.
وأنا آمل أن أكون في هذه الدراسة قد واكبت الواقع، وابتعدت عن العواطف التقليدية وآثرت الحق في جميع ما كتبته لا ابتغي بذلك إلا ابراز التاريخ الاسلامي على واقعه من دون تحيز وقبل أن أقفل هذا التقديم أرى من الواجب علي أن أذكر بالوفاء والعرفان ما قام به سيادة المحسن