لقد كان من أوليات النصر الذي حققه الامام تحطيم الكيان الأموي فقد وضعت ثورته الخالدة العبوات الناسفة في قصور الأمويين، وألغمت طريقهم، فلم يمض قليل من الزمن حتى تفجرت فأطاحت برؤوس الأمويين واكتسحت نشوة نصرهم، وجعلتهم أثرا بعد عين، ويعرض هذا الكتاب بصورة موضوعية إلى بعض ما قدمته الثورة من المعطيات المشرقة على الصعيد الفكري والاجتماعي للعالم الاسلامي.
- 8 - ولن يستطيع التاريخ الاسلامي أن يأخذ حظه من الحياة إذا كان مثقلا بالقيود والاغلال، ولم يخضع للدراسة والنقد، فلا بد أن تتسلط مجاهر البحث العلمي النزيه على أحداثه، وتدرس بدقة وتجرد، شان غيره من تاريخ الأمم الحية التي تتناول أحداثه أقلام المفكرين والباحثين بكثير من العمق والتحليل، فان دراسة التاريخ عندهم تحتل الصدارة في دراساتهم الثقافية والعلمية.
إنا إذا أردنا للتاريخ الاسلامي أن يزدهر، ويساير النهضة الفكرية، والتطور العلمي في هذه العصور، فلا بد من دراسته دراسة واعية تعتمد على المناهج العلمية، وعلى التجرد من النزعات المذهبية والتقليدية، فننظر بدقة إلى الاحداث الجسام التي دهمت المسلمين في عصورهم الأولى فإنها - فيما تعتقد - مصدر الفتنة الكبرى التي أخلدت لهم المصاعب، وجرت لهم الفتن والخطوب على امتداد التاريخ.
إن البحث عن التاريخ الاسلامي في تلك الحقبة الخاصة من الزمن إذا لم يعرض لتلك الاحداث بالبسط والتحليل، ولم يلق الأضواء على