يقدم رجلا ويؤخر أخرى ومعه عسكر من بني عامر فأكرم قرة مثواه ولما أراد الرحيل خلا به قرة وقال: يا هذا. إن العرب لا تطيب لكم نفسا بالإتاوة (الرشوة) فإن أعفيتموها فستسمع لكم وتطيع، وإن أبيتم فلا تجتمع عليكم (1).
ولكن ماذا صنع عمرو؟ أظهر لديه من الشهامة والشمم ما لا يقوى عليه إلا صناديد الرجال وليوثهم، فأجابه على الفور جوابا يدل على استهانته بردة العرب، وينم عن الهول والثبور لكل من ناوأ الدين أو أراد به شرا أو أذى حين قال: أكفرت يا قرة؟ تخوفنا بردة العرب! فوالله لأوطئن عليك الخيل في حفش (2) أمك، وقدم على المسلمين فأخبرهم فطفقوا يسألون فأخبرهم أن العساكر معسكرة من دبا إلى المدينة. ولما قدم بقرة بن هبيرة أسيرا على أبي بكر استشهد قرة بعمرو على إسلامه، فأحضر أبو بكر عمرا فسأله فأخبره بقول قرة إلى أن وصل إلى ذكر الزكاة فقال قرة: مهلا يا عمرو: فقال: كلا والله لأخبرته بجميعه. فعفا عنه أبو بكر وقبل إسلامه (3).
أما نصيب عمرو في قتال أهل الردة فإن أبا بكر (4) أمره على جيش كثيف من المسلمين لحرب المرتدين من قضاعة، وكان قد حاربهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة (ذات السلاسل) وأصلاهم نارا حامية، وقتل منهم مقتله عظيمة، وعاد من بقي منهم إلى الإسلام.