ويقول: إني أعالج حربا كؤودا صدوما (كناية عن شدتها) وبلادا ادخرت لك فرأيك (1) والذي نميل إليه أن عمرو بن العاص لما عالج الشدائد من قتال الروم وأشجوه وأشجاهم كتب بأمره إلى عمر فرأى أنه الجد، فخرج إلى الشام واستخلف علي بن أبي طالب وكتب إلى الأمراء الذين لا يجدون في نواحيهم كبير قتال ولا يتخوفون أن يداهمهم عدو وأن يوافوه بالجابية فوافوه.
فلما رأى الروم ذلك خافوا العاقبة وأم الارطبون مصر ورق بقية جند الروم وأهل البلاد فطلبوا الصلح - وممن سار على هذا الرأي حضرة الأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار.
أنزلت المنجنيقات التي نصبها الروم على أسوار مدينة بيت المقدس الخسائر الفادحة بالعرب الذين قاسوا الأمرين من شدة البرد وقد أتاهم الشتاء. وقد ظل المسلمون على حصارها أربعة أشهر لم يمض منها يوم واحد من غير قتال.
فشاهد أهل إيلياء من المسلمين الجد في الحرب والصبر في القتال، وقد عدوا الاستيلاء عليها دينيا منه سياسيا، لأنهم كانوا يعظمون بيت المقدس بعد مكة والمدينة لكونها معبد الأرض المقدسة، ومقر وحي عيسى عليه السلام، وبها قبور كثير من الأنبياء. وقد كتب أبو عبيدة إلى أهالي إيلياء يدعوهم إلى الإيمان بالله وبرسوله، أو الدخول في طاعة المسلمين ودفع الجزية وأن أبوا فيحل جند المسلمين بأرضهم.
ويفتكون برجالهم، ويستحلون عيالهم. فارتاعوا من هول هذا التهديد