على قومك وتبقى على ملكك مع الإسلام، ولا تدخل عليك الخيل والرجال، وفي هذا مع سعادة الدارين راحة من القتال.
ودعاه جيفر أن يمهله يوما ريثما يعمل فكره ويرجع إليه في اليوم الثاني. فلما كان الغد عاد عمرو إلى أخيه الذي استصحبه إلى الملك فأجابه بالنفي وصمم على أن لا يسلم تراث ملك آبائه وأجداده لأحد وأظهر استهانته بما تضمنه خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يتسنى للمسلمين التغلب على بلاده مع ما هو فيه من بعد الشقة وزوده بأنه سوف يقف في سبيل المسلمين ويبعدهم عن بلاده فهم عمرو بالانصراف غير أن عبادا فطن لعواقب هذا العناد فنبه أخاه ونصح له بتلبية دعوة النبي صلى الله عليه وسلم واعتناق الإسلام فأرسل إلى عمرو وأجاب للإسلام هو وأخوه، وخليا بين عمرو والصدقة وبين الحكم فيها بينهم، وكانا عونا له على من خالفه، وأسلم معهما خلق كثير.
ظل عمرو متوليا هذا المنصب الديني السياسي الكبير زهاء سنتين يهدي الناس إلى الإسلام فيدخلون في دين الله أفواجا، وكان يأخذ الصدقة من الأغنياء ويردها على الفقراء. ولم يزل مقيما هناك حتى جاءه نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتاه كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه مختوما وفيه أن لا يحل عقالا عقله رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لا يعقل عقالا لم يعقله رسول الله. فلما قرأ الكتاب بكى بكاء طويلا، وحزن حزنا شديدا، على القوم فأعلمهم الخبر فعزوه.