قلنا: وما المانع من أن تقول هذا بعينه فيما سألت عنه، فاما ما تلا كلامه الذي حكيناه عنه من الكلام في التقية، وقوله: (إن ذلك يوجب أن لا يوثق بنصه على أمير المؤمنين) فإنما بناه على أن النبي (صلى الله عليه وآله) يجوز عليه التقية في كل حال، وقد بينا ما في ذلك واستقصيناه.
وقوله: (ألا جاز أن يكون أمير المؤمنين نبيا، وعدل عن ادعاء ذلك تقية) فيبطله ما ذكرناه من أن التقية لا تجوز على النبي والإمام فيما لا يعلم إلا من قبله وجهته، ويبطله زائدا على ذلك ما نعلمه نحن وكل عاقل ضرورة من نفي النبوة بعده على كل حال من دين الرسول (صلى الله عليه وآله).
وقوله: (إن عولوا على علم الاضطرار فعندهم ان الضرورة في النص على الإمام قائمة) فمعاذ الله أن ندعي الضرورة في العلم بالنص على من غاب عنه فلم يسمعه، والذي نذهب إليه أن كل من لم يشهده لا يعلمه إلا بالاستدلال، وليس كذلك نفي النبوة لأنه معلوم من دين النبي (صلى الله عليه وآله) ضرورة، ولو لم يشهد بالفرق بين الأمرين إلا اختلاف العقلاء في النص مع تصديقهم بالرسول (صلى الله عليه وآله) وانهم لم يختلفوا في نفي النبوة لكفى.
ولا اعتبار بقوله في ذلك خلاف ما قد ذكر كما ذكر في أنه (عليه السلام) إله، لأن هذا الخلاف لا يعتد به والمخالف فيه خارج عن الإسلام، فلا يعتبر في إجماع المسلمين بقوله، كما لا يعتبر في إجماع المسلمين بقول من خالف في أنه إله، على أن من خالف وادعى نبوته لا يكون مصدقا للرسول (صلى الله عليه وآله)، ولا عالما بنبوته، ولا يدعي علم الاضطرار في أنه لا نبي بعده، وإنما يعلم ضرورة من دينه (صلى الله عليه وآله) نفي النبوة بعده من أقر بنبوته (صلى الله عليه وآله).
فاما قوله: (إن الإجماع لا يوثق به عندهم) فمعاذ الله أن نطعن في الإجماع وكونه حجة، فإن أراد أن الإجماع الذي لا يكون فيه قول إمام ليس بحجة، فذلك ليس بإجماع عندنا وعندهم، وما ليس بإجماع فلا حجة فيه، وقد تقدم عند كلامنا في الإجماع من هذا الكتاب ما فيه كفاية.