وقوله: (يجوز أن يقع الإجماع على طريق التقية لأنه لا يكون أوكد من قول الرسول أو قول الإمام عندهم) باطل، لأنا قد بينا أن التقية لا تجوز على الرسول (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) على كل حال، وإنما تجوز على حال دون أخرى، على أن القول بأن الأمة بأسرها تجمع على طريق التقية طريف، لأن التقية سببها الخوف من الضرر العظيم، وإنما يتقي بعض الأمة من بعض لغلبته عليه وقهره له، وجميع الأمة لا تقية عليها من أحد.
فإن قيل: يتقي من مخالفيها في الشرائع، قلنا: الأمر بالضد من ذلك لأن من خالطهم وصاحبهم من مخالفيهم في الحال أقل عددا وأضعف بطشا منهم، فالتقية لمخالفيهم منهم أولى، وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى الإطالة والاستقصاء، إنتهى كلامه رفع مقامه.
توضيح حال ما دلت عليه الروايات السابقة، وما سيأتي في باب شهادة فاطمة (عليها السلام) من أنها أوصت أن تدفن سرا، وأن لا يصلي عليها أبو بكر وعمر لغضبها عليهما في منع فدك وغيره، وصار ذلك من أعظم الطعون عليهما.
قد أجاب عنه قاضي القضاة في المغني بأنه قد روى أن أبا بكر هو الذي صلى على فاطمة (عليها السلام) وكبر أربعا، وهذا أحد ما استدل به كثير من الفقهاء في التكبير على الميت، ولا يصح أنها دفنت ليلا، وإن صح فقد دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلا، وعمر دفن ليلا، وقد كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدفنون بالنهار ولا يدفنون بالليل، فما في هذا مما يطعن به، بل الأقرب في النساء أن دفنهن ليلا أستر وأولى بالسنة (1).
ورد عليه السيد الأجل المرتضى (رحمه الله) في الشافي (2): بأن ما ادعيت من أن أبا بكر هو الذي صلى على فاطمة (عليها السلام) وكبر أربعا، وان كثيرا من الفقهاء يستدلون به في التكبير على الميت، فهو شئ ما سمع إلا منك، وإن كنت