مرضها وغيرها، وقد رووا في صحاحهم انها (عليها السلام) انصرفت من عند أبي بكر ساخطة وماتت عليه واجدة (1)، وقد اعترف بذلك ابن أبي الحديد وغيره (2).
واما الثانية فلما مر وسيأتي من عصمتها وجلالتها.
الخامس: انه لو كانت تركة الرسول صدقة ولم يكن لها (عليها السلام) حظ فيها لبين النبي (صلى الله عليه وآله) الحكم لها، إذ التكليف في تحريم أخذها يتعلق بها، ولو بينه لها لما طلبتها لعصمتها، ولا يرتاب عاقل في أنه لو كان بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأهل بيته أن تركتي صدقة لا تحل لكم لما خرجت ابنته وبضعته من بيتها، مستعدية ساخطة صارخة في معشر المهاجرين والأنصار، تعاتب إمام زمانها بزعمكم وتنسبه إلى الجور والظلم في غصب تراثها، وتستنصر المهاجرة والأنصار في الوثوب عليه، وإثارة الفتنة بين المسلمين وتهييج الشر، ولم تستقر بعد أمر الإمارة والخلافة.
وقد أيقنت بذلك طائفة من المؤمنين أن الخليفة غاصب للخلافة، ناصب لأهل الإمامة، فصبوا عليه اللعن والطعن إلى نفخ الصور وقيام النشور، وكان ذلك من آكد الدواعي إلى شق عصا المسلمين، وافتراق كلمتهم، وتشتت ألفتهم، وقد كانت تلك النيران يخمدها بيان الحكم لها أو لأمير المؤمنين (عليه السلام).
ولعله لا يجسر من أوتي حظا من الإسلام على القول بأن فاطمة (عليها السلام) مع علمها بأن ليس لها في التركة بأمر الله نصيب كانت تقدم على مثل ذلك الصنيع، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) مع علمه بحكم الله لم يزجرها عن التظلم والاستعداد، ولم يأمرها بالقعود في بيتها راضية بأمر الله فيها، وكان ينازع العباس بعد موتها ويتحاكم إلى عمر بن الخطاب.