والمبالغة رحيم.
وفي الحديث: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) (1)، ويقال: رهبوت خير من رحموت أي لأن ترهب خير من أن ترحم (2).
والمراد من الرحمة عند النسبة إلى الله سبحانه غايتها، وهي الانعام والإحسان والرزق والامتنان، وكذا بعض الأوصاف المنتسبة إليه تعالى مما يشبه ذلك الذي لا يجري فيه تعالى بحقيقته لكونه من صفات خلقه كالقهر، والغضب، والكرم، والسخاء، والرضا، والمكر، والسخرية وغيرها، فإن المراد في كل ذلك غايته لا مبدأه، ولذا قيل: إن هذا المقام من مواد ما تداول بين الأقوام من قول الحاضر والبادي: (خذ الغايات واترك المبادي) أي اجعل الأمر كذلك في نسبة تلك الأوصاف إلى الله سبحانه.
قيل: والرحمة الرحمانية هي العطوفة الكاملة التي لا غاية لها، فيختص من حيث اللغة بالله سبحانه، وهي إعطاء كل ذي حق حقه.
ولعل هذا من جهة المبالغة الموجودة في (رحمان) بالنسبة إلى (رحيم) لأن زيادة المباني تدل على زيادة المعاني، ولذا اختص بالله سبحانه ولا يطلق على غيره تعالى لكونه من الصفات المختصة به تعالى من حيث المعنى.
وقيل: إن ذلك من جهة كونه من الصفات الغالبة، وبالجملة لا يطلق هو على غيره تعالى البتة، وقول بني حنيفة في مسيلمة الكذاب رحمان اليمامة، فهو من جهة تعنتهم في كفرهم وضلالهم حتى قالوا:
سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبا * وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا و (البركة) الزيادة والنماء، يقال: بارك الله فيه فهو مبارك، والأصل مبارك فيه، ومنه التحيات المباركات، واما ما يقال في الله تبارك وتعالى قيل: هو أيضا من هذه المادة بهذا المعنى أي زاد وارتفع بحسب نعمه وإحسانه، من باب الصفة بحال