قد يكنى به عن الأمور المزبورة من باب الملازمة.
والنصاب من المال - بكسر النون - القدر الذي تجب فيه الزكاة، والنصب - بفتحتين - التعب، لأن من تعب في سيره قام وثبت في مقامه فلا يتحرك.
و (حملة) جمع حامل وهو الشائع في جمع فاعل الصفة وصفا للعاقل كطلبة وفعلة وغيرهما، والمراد من الدين والوحي معنى الموحى به من أحكام الشريعة، ويجوز المعنى المصدري أيضا فيهما، والمآل راجع مطلقا إلى المعنى الواحد هو الشريعة، وقد مرت الإشارة إلى مادة اللفظين.
والمراد من الحمل هنا هو تحمل التكاليف الدينية أصولية وفروعية، أي أن الله تعالى قد حمل أمانة التكاليف عليكم، ووجه أوامره ونواهيه إليكم، فأنتم الحاملون للتكاليف الشرعية، والمتحملون لأعباء الأوامر والنواهي الدينية، فلابد لكم أن تطيعوه تعالى فيما أمر ونهى بلسان رسوله الذي ما كان ينطق عن الهوى، فلم تتخذون من دون الله أوثانا، وتجعلون لأنفسكم من غير أولياء الله أربابا؟.
وإلى هذا المعنى يرجع على أحد الوجوه قوله تعالى: ﴿انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا﴾ (١).
أي انا عرضنا أمانة التكاليف الشرعية على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، مرادا بالاباء هو الاباء الطبيعي والاستعدادي أي لم يكن لها استعداد وقابلية في أنفسها لحملها بأن تكون مخاطبة بحملها والعمل بها، وأشفقت منها لضعف طباعها عن أدائها، وحملها الإنسان لقابليته لها، انه كان ظلوما جهولا أي مركبا من القوة الغضبية والشهوية.
وهو وصف للجنس باعتبار أغلب الأوصاف، كقوله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم﴾ (2) أي ان الله تعالى حمل التكاليف