قال تعالى في مقام بيان المحرمات: ﴿وما ذبح على النصب﴾ (١) أي لأجله، وهو قربان الأوثان يلطخونها بدمه بعد أن يذبحوه عندها، فصارت حمرا ملوثة بالدم، وقد لا يلطخون، أو هو الحيوان المذبوح الذي لم يذكر عليه اسم الله، أو ذكر عليه اسم بعض الأوثان عند الذبح.
وقال تعالى: ﴿إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان﴾ (٢) أي الحاصل بما ذكر من المذكورات المتعلق بها رجز (فاجتنبوه)، وفسر الأنصاب بالأصنام وبنفس تلك الذبائح أيضا.
وبالجملة فالنصب بالمعنى المذكور يكون مصدرا بمعنى المفعول، ولكونه مصدرا في الأصل يقع على القليل والكثير، ووقع هنا خبرا عن الجمع أي أنتم منصوبون لأوامره تعالى ونواهيه، وأنتم مطمح نظر الله في إنزال الدين والشريعة، وانه خلقكم ونصبكم ليحمل أوزار التكليف عليكم، ويحملكم إلى العبادة المطلوبة والمعرفة المقصودة، كما قال تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون﴾ (3).
والنصب بالمعنى المصدري معروف، ويرجع معناه إلى الرفع مع الإثبات، يقال: نصبت الشيء أي أقمته وأثبته، والمنصب كمنبر الأثفية من الحديد يجعل عليها الطنجير (4) بدل الأثافي من الحجر، وهي حجران ثالثهما المرتفع من الأرض الذي يقال له ثالثة الأثافي.
والمنصب كمجلس - بكسر العين - الأصل والمرجع، يقال: منصب الشيء أي أصله ومرجعه يعني الذي نصب فيه، قيل: ومنه المنصب بمعنى الجاه، والحق ان المنصب في هذه الموارد اسم مكان بمعنى محل النصب والإثبات والإقامة، إلا أنه