فيجري هذا المعنى في قولهم: (اللهم صل على محمد وآل محمد) أيضا، فيكون هو بمعنى ارحمهم وبارك عليهم أي أنزل رحمتك وبركاتك عليهم، وعظمهم بما يظهر به شرف شأنه، فيؤول حاصله إلى قولنا: اللهم أعطهم وألطف عليهم في الدنيا بإعلاء ذكرهم، وإظهار دعوتهم، وإبقاء شريعتهم، وفي الآخرة بتشفيعهم في الأمة، وتضعيف الأجر والمثوبة مضافا إلى إنزال رحمتك وبركاتك عليهم في الدنيا والآخرة، والله يصلي عليهم أي ينزل رحمته إليهم.
وصلاة الملائكة بمعنى الرحمة أيضا، وذلك بدعائهم للنبي (صلى الله عليه وآله) أيضا كدعائنا له، فإن الدعاء أيضا رحمة، فيمكن أن يكون معنى الدعاء متفرعا من معنى الرحمة.
فقول بعض من أهل الأدب: إن الصلاة من الله تعالى الرحمة، ومن الإنسان الدعاء أي طلب الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار أي طلب المغفرة، لا وجه له.
وتطلق الصلاة على الدين أيضا إما لأنه أيضا رحمة، أو لأن الصلاة الشرعية أعظم أركان الدين فأطلقت عليه، ومنه قوله تعالى في شعيب حكاية عن قومه:
﴿أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا﴾ (1) أي دينك، وقيل: المراد به نفس الصلاة الشرعية، فإن شعيب كان كثير الصلاة فقالوا له ذلك.
وفي الدعاء: (اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم) (2) قيل: ليس التشبيه من باب إلحاق الناقص بالكامل، بل لبيان حال من لا يعرف عند عامة الناس بمن هو معروف مشهور عندهم، وإن كان الأول بالنسبة إلى الآخر أكمل في الحقيقة.
وقيل: هو في أصل الصلاة لا في قدرها، وقيل: معناه إجعل لمحمد (صلى الله عليه وآله) صلاة بمقدار الصلاة لإبراهيم وآله، وفي آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء والأولياء، وليس في آله نبي، فطلب إلحاق جملة فيها نبي