ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت (عليها السلام):
((أنتم عباد الله نصب امره ونهيه، وحملة دينه ووحيه، وامناء الله على أنفسكم وبلغاؤه إلى الأمم، زعيم حق له فيكم، وعهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم، كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والضياء اللامع، بينة بصائره، منكشفة سرائره، متجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائد إلى الرضوان أتباعه، مؤد إلى النجاة استماعه)).
بيان:
قولها (عليها السلام): (عباد الله) منادى مضاف حذف منه حرف النداء أي يا عباد الله، و (أنتم) مبتدأ و (نصب) خبره، وإقحام النداء بين الخبر والمبتدأ إشارة إلى الحرص على التنبيه، وان المطلب الملقى إليهم أمر خطير لابد أن ينبه المخاطب عليه لئلا يذهب عليه ولا يفوت عنه من جهة الاشتباه والغفلة.
وحذف حرف النداء تنبيه آخر على أن المطلب مهم فليلاحظ حتى لا يفوت بطول النداء، وهذه النكتة اعتبرت في لفظ عباد الله بخصوصه غالبا في الخطب الواردة عن الأئمة (عليهم السلام)، كقولهم: (أوصيكم عباد الله بتقوى الله) (1)، (أوصيكم عباد الله بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تحبوا تركها، والمبلية لأجسادكم وإن كنتم تحبون تجديدها) (2) إلى غير ذلك من خطب نهج البلاغة وغيرها.
و (نصب) بالفتح - على ما قال الفيروز آبادي (3) - هو العلم المنصوب، ويحرك و يقال: هذا نصب عيني - بالضم والفتح - أي منصوب في مقابل عيني، ونصب - بضمتين - أيضا كذلك، ولهذا يطلق كل منها على الوثن المنصوب للعبادة.