و (الرضي) نظير الصفي بمعنى الراضي والمرتضى من الرضاء.
وقد مر معاني المواد المذكورة، والله سبحانه قد اصطفى نبينا (صلى الله عليه وآله) واختاره من بين خليقته للنبوة التامة، والرسالة الكاملة، ولمنشئية آثار الألوهية، ومبدئية فيوضات الربوبية بحيث لا يدانيه أحد، ولا يحد مداه بحد، كما اختاره للعبودية الحقيقية التي كنهها الربوبية، وارتضاه لتلك المرتبة الكاملة، والفضيلة الفاضلة، ورضي عنه وأرضاه، وانتجبه واجتباه، فهو تعالى راض عنه، وهو (صلى الله عليه وآله) راض عنه تعالى.
و (السلام) هو السلامة، ومعنى قولنا: (السلام عليك) الدعاء بالسلامة من المكاره، وإذا قلنا: (السلام علينا وعلى الأموات) فمعناه الدعاء بالسلامة لأنفسنا من آفات الدنيا والأموات من عذاب الآخرة، بل لأنفسنا أيضا من عذاب الآخرة.
وضعه الشارع موضع التحية والبشرى بالسلامة، ثم انه اختار لفظ السلام وجعله تحية لما فيه من المعاني المقصودة، أو لأنه مطابق للسلام الذي هو اسم من أسمائه تعالى تيمنا وتبركا، وكان يحيى به قبل الإسلام وبغيره أيضا، بل كان السلام بالسلام أقل وغيره أكثر وأغلب، فلما جاء الإسلام اقتصروا بأمر الشارع عليه، ومنعوا ما سواه من تحيات الجاهلية، وإيراده على صغية التعريف أزين لفظا وأبلغ معنى.
وقيل: معنى (السلام عليك) اسم السلام عليك، أو اسم الله عليك أي أنت في حفظه، كما يقال: (الله معك) وهو ضعيف.
والسلام على النبي (صلى الله عليه وآله) دعاء بعدم انقطاع الفيوضات الإلهية عنه لنفسه ولأمته وشيعته، بل لجميع الخليقة في الدنيا والآخرة، وفي الرجعة والبرزخ من المكاره والآفات وسوء الخاتمة، ويظهر بعض الكلام في وجه السلام على النبي (صلى الله عليه وآله) مما مر في معنى الصلاة.
و (الرحمة) قيل بمعنى مطلق النعمة، والحق كما قيل إنها بمعنى رقة القلب والتعطف والمرحمة، يقال: رحمت زيدا أي رققت له وحننت عليه، والفاعل راحم