وفي حديث علي (عليه السلام): (عهد إلي النبي الأمي) (١) أي أوصى، وقوله تعالى: ﴿ألم أعهد إليكم﴾ (٢) أي ألم أوصي أولم أقدم إليكم، ومنه اشتق العهد الذي يكتب للولاة، ولعله مصدر بمعنى المفعول أي المعهود الذي عرف وعهد.
وعهدته بمكان كذا أي لقيته، وعهدي به قريب ملقاتي له، والتعهد بالشيء التحفظ به وتجديد العهد به واصلاحه.
ومنه قولهم: عهدة هذا الأمر علي أي ما كان فيه من عيب فتعهده واصلاحه علي، وبرئت من عهدة هذا العهد أي مما أدرك فيه من عيب، أي ما أدرك فيه من درك فليس إصلاحه علي.
ويطلق العهد على اليمين، والموثق، والأمان، والحفاظ، والذمة، ورعاية الحرمة، ولا تخرج الأحاديث الواردة فيه عن أحد هذه المعاني، وفي حديث الدعاء: (وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) (٣) أي أنا مقيم على ما عاهدتك عليه من الإيمان بك، والإقرار بوحدانيتك لا أزول عنه.
و (البقية) من الرجل ما يخلفه في أهله فعيلة من بقي يبقى بقاء بمعنى الباقية فما يبقى من الشيء، أو من آثاره ولوازمه ونحو ذلك فهي بقية، قال تعالى: ﴿إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون﴾ (٤) وكانت هذه البقية مما تكسر من الألواح التي كتب الله لموسى، وعصا موسى وثيابه، وعمامة هارون.
وقوله تعالى: ﴿بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين﴾ (5) أي ما أبقى الله لكم من الحلال ولم يحرمه عليكم فيه مقنع ورضى فهو خير لكم، أو ان المراد من بقية الله تعالى أحكامه الباقية بينهم مما لم ينسخه.