على هذه الصورة لندعوه بها، ويرجع ثوابها إلينا، وقيل: إن درجات نواله تعالى مما لا تقف على حد، وامتاز نبينا (صلى الله عليه وآله) عن سائر الأنبياء بزيادة القبول للفيوض الربانية، وكان (صلى الله عليه وآله) يقول: (إن ربي قد وعدني درجة لا تنال إلا بالدعاء، أو دعاء أمتي) وكان (صلى الله عليه وآله) يطلب الدعاء من صلحاء المؤمنين.
وقيل: إن دعاءنا له من جملة أعماله التي بها يستحق مزيد القرب والدرجات، لأنه قد أنقذنا من الهلاك فعرفناه وعرفنا الصلاة عليه، وهذا أيضا من أعماله وعباداته، كدعاء المؤمن في حق المؤمن بسبب دخوله في الإيمان حيث إنه ليس للإنسان إلا ما سعى.
وقيل: إن ذلك يوجب بالنسبة إليه (صلى الله عليه وآله) أن يحصل له درجة الشفاعة في حقنا، وهذا مزيد درجة له كما ندعو بقولنا: وتقبل شفاعته في أمته، أو انه دعاء لهم (عليهم السلام) بنصرهم، وسلامة شيعتهم في الرجعة، أو انه دعاء لهم بعدم انقطاع وساطة الرحمة الكلية عنهم (عليهم السلام)، نظير (إهدنا الصراط المستقيم) على وجه من الوجوه، وقوله (صلى الله عليه وآله): (رب زدني علما) أو انه دعاء لازدياد نعمنا، فإن ازدياد نعمنا وعلو درجاتنا مزيد لهم (عليهم السلام)، من حيث إن زيادة أغصان الشجر وأوراقها ونضرتها زينة للشجر ومزيد له من باب الصفة بحال المتعلق.
و (الأمين) هو من اؤتمن على شئ فيوضع عنده، وذلك الشيء هو الأمانة، وهي هنا الوحي أي الموحى به بمعنى الأحكام الأصولية والفروعية والتشريعية والتكوينية التي أوحيت إليه (صلى الله عليه وآله) فأودعت عنده، فيؤديها على ما أودعت امتثالا لقوله تعالى: ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ (1) وسيجئ.
و (الصفي) فعيل بمعنى مفعول من الصفا والصفوة بمعنى الصافي والمصطفى.
و (الخيرة) بكسر الخاء وفتح الياء بمعنى المختار.