تعالى: ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات﴾ (1) وهذه الأقسام الأربعة للكلام في وزان الأقسام الأربعة للادراك أي العلم والظن والشك والوهم.
ولما كان التأويل على معنى المؤول هو باطن الكلام وسر المرام، استعير لفظ التأويل لباطن الشيء وحقيقته، فالمراد من كون الإخلاص تأويل كلمة التوحيد، ان باطنها وحقيقتها الإخلاص بمعنى كون تلك صادرة وناشئة عن ماهية الإخلاص الموجود في الباطن، ومشتملة عليها كأنها حقيقتها.
وكلمة منصوبة على الحال من مفعول أشهد، أي أخبر بقول لا إله إلا الله، أو أعلمه، أو أقوله، والحال انها في حال نطقي بها كلمة صادرة عن وجه الإخلاص، ويجوز التمييزية وكونها مفعولا مطلقا.
ولفظ جعل مبني على المفعول، والإخلاص نائب فاعله، وجعل الإخلاص تأويلها إنما يكون بأمرين: استعداد القائل، وإفاضة الله سبحانه له، ولذا أتى بصيغة المجهول إشارة إلى أن الفاعل مجهول الحال، ولو قرئ معلوما فهو وإن صح أيضا إلا أنه يوهم الاستقلال، فيتولد منه الجبر.
والإتيان بصيغة الماضي للإشارة إلى تحققه، وانه أمر سابق في قدر الله من حيث الاستعداد والقابلية الملازمة لوجود أصل المادة في ابتداء الخلقة، ويجوز قراءته معلوما أيضا وإسناده إلى الله تعالى بواسطة الضمير، إشارة إلى أن الأمر بيد الله، وأن لا مؤثر في الوجود إلا الله، وإن كان للعبد أيضا مدخلية في الجملة ومداخلة في العمل، ولو من جهة الإختيار والقابلية.
قولها (عليها السلام): ((وضمن القلوب موصولها)) ضمن الشيء - بالكسر - طيه، وضمنه ضمانا - بالفتح من باب علم -: كفله كأنه جعله في ضمن نفسه، ويتعدى بالتضعيف فيقال: ضمنته المال أي ألزمته إياه بمعنى جعلته محتويا عليه فتضمنه أي فاشتمل عليه واحتوى، وتضمن الكتاب كذا أي حواه ودل عليه.