فاعل على اختلاف في التأويل.
واستشهد الرجل بالبناء للمفعول من قتل شهيدا على نحو ما ذكر، ويجوز على بعض الوجوه المذكورة في الشهيد قراءته على بناء الفاعل أيضا، فيجوز قوله (عليه السلام) في الزيارة: ((وجعلنا من التابعين لك، والمستشهدين بين يديك)) (1) بفتح الهاء وكسرها كما وقع مختلفا أيضا في النسخ، فيكون على الفتح بمعنى الشهيد بمعنى المفعول، وعلى الكسر بمعنى الشهيد بمعنى الفاعل على بعض تلك المعاني، أو بمعنى طالب الشهادة.
وبالجملة فإذا عرفت ما ذكرنا من الوجوه المختلفة في معنى الشهادة، عرفت المراد من قول أشهد أن لا إله إلا الله وشهد الله انه لا إله إلا هو، وانه يجري في نحوه وجوه متعددة من جهة المعاني السابقة، مثل معنى أعلم وأخبر أو أقول وغيرها، والشهادة حينئذ متعدية، أو لازمة بتقدير حرف الباء أو غيرها.
وأما كلمة التوحيد ففي تحقيق معناها عرض عريض لا يليق بسطه بالمقام، وحاصل معناه الدال على التوحيد الإجمالي واضح عند الخواص والعوام.
ولفظ (وحده) قال: معرف في معنى النكرة أي منفردا عن غيره ومتوحدا، و (لا شريك له) حال بعد حال، وكلاهما حال عن لفظ الجلالة لكونه في موضع المفعول من جهة استلزام (إلا) معنى استثنى، والحال الأول دال على ثبوت الصفات الكمالية له تعالى لدلالة اللفظ على انفراده وتمايزه عن غيره، أي متوحدا في الصفات الكمالية لا نظير له في شئ من ذلك البتة، والحال الثاني دال على نفي جهات النقيصة وسلبها عنها، وبعبارة أخرى: الفقرة الأولى مشتملة على إثبات الصفات الثبوتية، والثانية على سلب الصفات السلبية.
قولها (عليها السلام): ((كلمة جعل الإخلاص تأويلها)) المراد بالكلمة هنا هو قول أشهد أن لا إله إلا الله، أو هو نفس كلمة التوحيد أعني لا إله إلا الله.