والكلمة في اللغة هي اللفظة الواحدة الموضوعة لمعنى سواء كانت اسما أو فعلا أو حرفا، ثم تستعمل في الجملة المركبة من الكلمات المتعددة باعتبار جعلها بهيأتها التركيبية شيئا واحدا كأنها كلمة واحدة، ولهذا يطلق بالكلمة على كل قطعة من الكلام، وعلى كل قضية، وعلى البيت، وعلى تمام القصيدة أيضا.
ومنه كلمة الإخلاص لقول (لا إله إلا الله) وكذا كلمة التوحيد له، ثم يتسع فيها وتستعمل في كل معنى وعين من الكائنات - كما يتضح مما سيذكر - تشبيها لتأليف الموجودات على تأليف الكتاب من الحروف والكلمات، بل يقال لا تشبيه وإنما الكتاب في الحقيقة كتابان: تدويني وتكويني، ولكل منهما كلام، وجملات، وحروف، وكلمات، وسور، وآيات، وإعراب، وحركات، وسكنات.
ولذا قيل في قوله تعالى: ﴿وجعلها كلمة باقية في عقبه﴾ (١) ان المراد بتلك الكلمة الإمامة كما في الرواية (٢)، وان المراد ان الله تعالى جعلها في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة، وقيل: إن إبراهيم (عليه السلام) جعل كلمة التوحيد التي تكلم بها كلمة باقية في ذريته، فلا يزال فيهم من يوحد الله سبحانه ويدعو إلى توحيده، وأطلق على عيسى (عليه السلام) كلمة الله لأنه كلمة من كتاب الله التكويني.
وقال الجوهري: سمي بذلك للانتفاع به في الدين كما انتفع بكلامه تعالى على نحو ما يقال: سيف الله وأسد الله (٣)، وقيل: لأنه وجد بأمر الله من دون أب فشابه البدعيات في الوجود بقول كن.
وكلمة التقوى قيل: هي الإيمان، وقيل: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقيل:
بسم الله الرحمن الرحيم، وكلمة ربك العليا هي دعوته إلى الإسلام، أفمن حق عليه كلمة العذاب هي قوله تعالى: ﴿لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾ (4).