أعلاه أسفله أو قلبته ظهرا لبطن، سمى القلب بذلك لانقلابه في الأمور وتقلبه آنا فآنا باختلاف الأحوال وتبدل الكيفيات، كما ورد في الخبر: ((إن القلب كريشة في فلاة تقلبها الرياح كيف شاءت)) (1).
وهو كناية عن عدم استقراره في حال من الحالات، وهو على نحو الإجمال واضح معلوم الحال، وتفصيله موجب للإطناب والإملال، وفي خبر آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله): ((القلب بين إصبعين من أصابع الرحمان يقلبه كيف شاء، ثم قال (صلى الله عليه وآله): اللهم مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك)) (2).
وفي خبر آخر: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) (3) وفي الأدعية أيضا: ((يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار... الخ)).
وفي كون القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن وجوه من البيان، قيل: هو تمثيل عن سرعة تقلبه، وتيسر تصريف القلوب عليه تعالى ظاهر كما يقولون: هذا الشيء في خنصري وبنصري وفي يدي وقبضتي، كل ذلك إذا أرادوا تسهله وتيسره بلا مشقة.
وقيل: لا يبعد أن يشتمل على القلب جسمان على شكل الإصبعين يحركه الله بهما، فشبها بالأصابع وأضيفا إلى الله تعالى لأنه تعالى جعلهما كذلك، وقيل: المراد بالإصبعين النعمتان، نعمة الدنيا ونعمة الآخرة، وقيل: المراد هو البطش والقدرة أي ان القلب معقود بمشية الله، وتخصيص الأصابع كناية عن إجراء القدرة والبطش لأنه باليد والأصابع إجرائهما، وقيل: المراد إصبعا غضبه ورحمته أي قهره ولطفه، كما قال المولوي:
ديده و دل هست بين الإصبعين * چون قلم در دست كاتب أي حسين أين حروف حالهاست از نسخ اوست * عزم وفسخت هم زعزم وفسخ اوست