الصنوبري المتشكل المستودع في الجانب الأيسر من الصدر، وهو لحم مخصوص وفي باطنه تجويف، وفي ذلك التجويف دم أسود، وهو منبع الروح ومعدنه، وهذا المعنى من القلب موجود في البهائم بل في الميت أيضا.
الثاني لطيفة ربانية روحانية لها بهذا القلب تعلق، وتلك اللطيفة هي المعبر عنها بالقلب تارة، وبالنفس أخرى، وبالروح أخرى، وبالإنسان أيضا، وهو المدرك العالم العارف، وهو المخاطب والمطالب والمعاقب، وله علاقة مع القلب الجسداني، وقد تحير أكثر الخلائق في إدراك وجه علاقته، وان تعلقه يضاهي تعلق الأعراض بالأجسام، أو الأوصاف بالموصوفات، أو تعلق المستعمل للآلة بالآلة، أو تعلق المتمكن بالمكان وشبه ذلك، إنتهى (١).
وقال بعض المحققين: القلب هو شئ غير الفؤاد والعقل والروح والنفس، وانه برزخ بين الروح والنفس، أو النفس والبدن، وان الفؤاد هو الطرف الأعلى من العقل، وقيل غير ذلك، وكل ذلك مستند إلى اختلاف الاصطلاحات وتغائر الاعتبارات، وملاحظة بعض المراتب وعدمها، ويمكن الجمع بين جميع الأقوال باعتبار الحيثيات.
ثم قد يطلق القلب بمعنى الخالص، لأن قلب الإنسان خالصه ولبه، فيقال: هذا قلبه أي خالصه وخلاصته، وبه فسر قوله (عليه السلام): (يس قلب القرآن) (٢) وقيل في توجيه الخبر غير ذلك أيضا.
ثم إن أصل القلب كما قيل من قولهم: قلبت الشيء قلبا - من باب ضرب - حولته عن وجهه، وبالتضعيف للمبالغة في معنى المجرد، مثل قوله تعالى: ﴿وقلبوا لك الأمور﴾ (3).
ومنه كلام مقلوب أي مصروف عن وجهه، وقلبت الرداء: حولته وجعلت