شوب الرياء والأغراض الفاسدة، وعدم التوسل بغيره تعالى في شئ من الأمور، فهذا تأويل كلمة التوحيد، لأن من أيقن بأنه الخالق المدبر، وانه لا شريك له في الألوهية، فحق له أن لا يشرك في العبادة غيره، ولا يتوجه في شئ من الأمور إلى سواه، ولا يتعدى مما أمره مولاه ونهاه.
وأصل التأويل إرجاع الكلام وصرفه عن وجهه أي عن معناه الظاهري إلى معنى أخفى منه، مأخوذ من آل يؤول إذا رجع، ومنه الموئل بمعنى المرجع، فثم يطلق على نفس ذلك المعنى ويقال له المؤول أيضا بمعنى المؤول إليه، وقد يقال:
المؤول عليه، فالكلام مؤول، والمعنى الخفي مؤول إليه، والظاهر مؤول منه.
والتنزيل مقابل التأويل، وهو المعنى الظاهري، نزل الكلام عليه وصدر من مصدره إليه، فيقال مثلا: قوله تعالى: ﴿يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين))﴾ (١) ان تنزيله معناه الظاهري الذي هو الخطاب لموسى بن عمران (عليه السلام) بالإقبال وعدم الخوف من عصاه التي كانت تهتز كأنها جان، وتأويله الخطاب للقلب بأن لا يخاف من قوته الوهمية التي هي عصاه إذا أخذها بالقوة العقلية، وهي الآلة الدافعة لفساد النفس من البدن.
وقوله تعالى: ﴿إذهب إلى فرعون إنه طغى﴾ (2) ان تنزيله هو معناه الظاهري الذي هو الخطاب لموسى (عليه السلام) بالذهاب إلى فرعون مصر، وتأويله هو الخطاب لموسى العقل أن يذهب إلى فرعون النفس الطاغية في أرض مصر البدن، وهكذا.
ومدلول الكلام مطلقا اما نص أو ظاهر أو مجمل أو مؤول، فالنص مالا يحتمل الخلاف، والظاهر ما يحتمله احتمالا مرجوحا، والمجمل ما تساوى فيه الطرفان، والمؤول المرجوح، والقدر المشترك بين الأولين - وهو مطلق الراجح - هو المحكم، والمشترك بين الأخيرين - وهو غير الراجح - هو المتشابه، قال