وكان يسرع مشيه، ويقارب بين خطاه واضطبع بردائه فجعله على أحد كتفيه، وأبدى كتفه الآخر، ومنكبه، وكلما حاذي الحجر الأسود أشار إليه واستلمه بمحجنه وقبل المحجن، وهو عصا محنية الرأس.
وثبت عنه: أنه استلم الركن اليماني، ولم يثبت عنه أنه قبله، ولا قبل يده حين استلامه.
وقول ابن عباس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الركن اليماني، ويضع خده عليه، رواه الدارقطني، من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز.
قال ابن القيم: (المراد بالركن اليماني ها هنا الحجر الأسود، فإنه يسمى الركن اليماني مع الركن الآخر يقال لهما: اليمانيان، ويقال له مع الركن الذي يلي الحجر من ناحية الباب العراقيان، ويقال للركنين اللذين يليان الحجر الشاميان، ويقال للركن اليماني، والذي يلي الحجر من ظهر الكعبة الغربيان، ولكن ثبت عنه أنه قبل الحجر الأسود، وثبت عنه أنه استلمه بيده، فوضع يده عليه ثم قبلها.
وثبت عنه: أنه استلمه بمحجنه، فهذه ثلاث صفات.
وروي عنه (أنه وضع شفته عليه طويلا يبكي).
وروى الطبراني بإسناد جيد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استلم الركن اليماني قال: بسم الله، والله أكبر، وكان كلما أتى الحجر الأسود قال: (الله أكبر).
وروى أبو داود الطيالسي، عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - قبل الركن، ثم سجد عليه، ثم قبله، ثم سجد عليه، ثلاث مرات، ولم يمس من الركنين إلا اليمانيين فقط.
قلت: (واستسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في طوافه). ورواه الطبراني، عن العباس، وفي سنده رجل لم يسم، والله تعالى أعلم) (1).
فلما فرغ من طوافه جاء إلى خلف المقام، فقرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) فصلى ركعتين - والمقام بينه وبين البيت - قرأ فيهما بعد الفاتحة: بسورة الإخلاص، وقراءته الآية المذكورة، قلت في حديث جابر: (أنه قرأ فيهما (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون) والله تعالى أعلم. فلما فرغ من صلاته أقبل إلى الحجر الأسود فاستلممه ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يقابله، فلما دنا منه قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) أبدأ بما بدأ الله به). وفي رواية النسائي: (ابدأوا) على الأمر ثم رقى على حتى إذا رأى البيت فاستقبل