أصواتهم بالتلبية)، وقال: (يا محمد كن عجاجا ثجاجا) (1)، (رواه الطبراني وغيره).
قلت: جاء جبريل وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد - صلى الله عليه وسلم - شيئا منه، ولزم - صلى الله عليه وسلم - تلبيته)، رواه مسلم، وعند أبي داود، والناس يزيدون (ذا المعارج) ونحوه من الكلام. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع، فلا يقول لهم شيئا، ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - خيرهم عند الإحرام بين الأنساك الثلاثة. ثم ندبهم عند دنوهم من مكة إلى فسخ الحج، والقران إلى العمرة لمن لم يكن معه هدي، ثم حتم ذلك عليهم عند المروة، ثم سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يلبي تلبيته المذكورة، والناس معه يزيدون فيها، وينقصون، وهو يقرهم، ولا ينكر عليهم، ولزم تلبيته.
ذكر مسيره - صلى الله عليه وسلم -:
من قال إهلاله ومروره بالروحاء، ثم الأثاية قلت: قال ابن سعد: ومضى - صلى الله عليه وسلم - يسير المنازل ويؤم أصحابه في الصلوات في مساجد له، قد بناها الناس وعرفوا مواضعها. والله تعالى أعلم.
ثم سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يلبي تلبيته المذكورة، فلما كان بالروحاء رأى حمارا وحشيا عقيرا، قال: (دعوه يوشك أن يأتي صاحبه)، فجاء صاحبه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: هو رجل من بهز، واسمه الله تعالى أعلم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (شأنكم بهذا الحمار)، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فقسمه بين الرفاق، ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان بالأثاية بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل وفيه سهم، فأمر رجلا - قلت هو أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - كما رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر، عن طلحة بن عبيد الله، والله تعالى أعلم - فأمره أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزوه (2)، قال: والفرق بين قصة الظبي، وقصة الحمار: أن الذي صاد الحمار كان حلالا، فلم يمنع من أكله، وهذا لم يعلم أنه حلال، وهو محرمون، فلم يأذن لهم في أكله، ووكل من يقف عنده لئلا يأخذه أحد حتى يجاوزوه.
ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - بالعرج:
وضياع زاملته التي بينه وبين أبي بكر، ثم سار - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا نزل بالعرج، وكانت زاملته وزاملة أبي بكر واحدة، وكانت مع غلام لأبي بكر، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر