الثاني: قال ابن القيم: له يحفظ عنه - صل الله عليه وسلم - أن اعتمر في السنة إلا مرة واحدة وقد ظن بعض الناس أنه اعتمر في سنة مرتين، واحتج بما رواه أبو داود في (سننه) عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر عمرتين: في ذي القعدة وعمرة في شوال، قالوا: وليس المراد بهذا ذكر مجموع ما اعتمره فإن أنسا وعائشة، وابن عباس وغيرهم، قد قالوا: إنه اعتمر أربع عمر، فعلم أن مرادها أنه اعتمر في سنة مرتين. مرة في ذي القعدة، ومرة في شوال، وهذا الحديث وهم وإن كان محفوظا عنها فإن هذا لم يقع قط، وتقدم بيان عمره، ومتى وقعت، فمتى اعتمر في شوال، ولكن لقي العدو في شوال وخرج فيه من مكة وقضى عمرته لما فرغ من أمر العدو، وفي ذي القعدة ليلا ولم يجمع ذلك العام بين عمرتين لا قبله ولا بعده، ومن له عناية بأيامه، وسيرته، وأحواله، لا يشك ولا يرتاب في ذلك.
الثالث: قال: في (زاد المعاد): لم يقل أحد من أهل العلم، أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر من التنعيم بعد حجه، وإنما يظنه العوام ومن لا خبرة له بالسنة.
الرابع: قال فيه أيضا: غلط من قال: إنه لم يعتمر في حجته أصلا، والسنة الصحيحة المستفيضة التي لا يمكن ردها تبطل هذا القول.
الخامس: قال فيه أيضا غلط من قال: إنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر عمرة حل منها ثم أحرم بعدها بالحج من مكة، والأحاديث الصحيحة تبطل هذا القول وترده.
السادس: روى البخاري، عن البراء بن عازب - رضي الله تعالى عنهما - قال: (اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين) (1).
وروى أبو داود، عن مجاهد، قال: سئل ابن عمر: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال:
مرتين فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع (2).
قال في (زاد المعاد) أراد العمرة المفردة المستقلة التي تمت ولا ريب أنهما اثنتان، فإن عمرة القران لم تكن مستقلة، وعمرة الحديبية صد عنها وحيل بينه وبين إتمامها.
وقال في موضع آخر: (لا يناقض حديث ابن عمر - أي السابق - قوله: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن بين الحج والعمرة)، لأنه أراد العمرة الحاصلة المفردة.
ولا ريب أنهما عمرتان: عمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، وعائشة أرادت العمرتين المستقلتين: فإن عمرة القران، لم تكن مستقلة وعمرة الحديبية صد عنها، ولا ريب أنها أربع،