فلهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يلقى أسامة إلا قال له: السلام عليك أيها الأمير.
ولما عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم راية الامرة طعن بعض الناس في إمارته، فخطب رسول الله فقال فيها: " إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقا للامارة، وإن كان لمن أحب الخلق إلى بعده ".
وهو في الصحيح من حديث موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه.
وثبت في صحيح البخاري عن أسامة رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني والحسن فيقول: " اللهم إني أحبهما فأحبهما ".
وروى عن الشعبي عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أحب الله ورسوله فليحب أسامة بن زيد ".
ولهذا لما فرض عمر بن الخطاب للناس في الديوان فرض لأسامة في خمسة آلاف; وأعطى ابنه عبد الله بن عمر في أربعة آلاف. فقيل له في ذلك فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك.
وقد روى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة، أن رسول الله أردفه خلفه على حمار عليه قطيفة، حين ذهب يعود سعد بن عبادة، قبل وقعة بدر.
قلت: وهكذا أردفه وراءه على ناقته حين دفع من عرفات إلى المزدلفة، كما قدمنا في حجة الوداع.
وقد ذكر غير واحد أنه رضي الله عنه لم يشهد مع علي شيئا من مشاهده، واعتذر إليه بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتل ذلك الرجل وقد قال لا إله إلا الله، فقال: " من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة " الحديث.