السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وسلم المهاجرون والأنصار كما سلم أبو بكر وعمر، ثم صفوا صفوفا لا يؤمهم أحد.
فقال أبو بكر وعمر - وهما في الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم - اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل إليه، ونصح لامته، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته، وأومن به وحده لا شريك له، فاجعلنا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى تعرفه بنا وتعرفنا به، فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما، لا نبتغي بالايمان به بدلا ولا نشتري به ثمنا أبدا.
فيقول الناس: آمين آمين. ويخرجون ويدخل آخرون، حتى صلى الرجال، ثم النساء، ثم الصبيان.
وقد قيل: إنهم صلوا عليه من بعد الزوال يوم الاثنين إلى مثله من يوم الثلاثاء، وقيل إنهم مكثوا ثلاثة أيام يصلون عليه. كما سيأتي بيان ذلك قريبا. والله أعلم.
وهذا الصنيع، وهو صلاتهم عليه فرادى لم يؤمهم أحد عليه، أمر مجمع عليه لا خلاف فيه.
وقد اختلف في تعليله. فلو صح الحديث الذي أوردناه عن ابن مسعود لكان نصا في ذلك، ويكون من باب التعبد الذي يعسر تعقل معناه (1). وليس لاحد أن يقول:
لأنه لم يكن لهم إمام، لأنا قد قدمنا أنهم إنما شرعوا في تجهيزه عليه السلام بعد تمام بيعة أبى بكر رضي الله عنه وأرضاه.
وقد قال بعض العلماء: إنما لم يؤمهم أحد ليباشر كل واحد من الناس الصلاة عليه منه إليه، ولتكرر صلاة المسلمين عليه مرة بعد مرة من كل فرد فرد من آحاد الصحابة رجالهم ونسائهم وصبيانهم حتى العبيد والإماء.