ومعنى هذا أنه رضي الله عنه إنما قبل الإمامة تخوفا أن تقع فتنة أربى من تركه قبولها رضي الله عنه وأرضاه.
قلت: كان هذا في بقية يوم الاثنين، فلما كان الغد صبيحة يوم الثلاثاء اجتمع الناس في المسجد فتمت البيعة من المهاجرين والأنصار قاطبة، وكان ذلك قبل تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * * قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام، عن معمر، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك، أنه سمع خطبة عمر الأخيرة حين جلس على المنبر، وذلك الغد من يوم توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر صامت لا يتكلم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا - يريد بذلك أن يكون آخرهم - فإن يك محمد قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم، وإن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين وإنه أولى المسلمين بأموركم، فقدموا فبايعوه.
وكانت طائفة قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر.
قال الزهري، عن أنس بن مالك، سمعت عمر يقول يومئذ لأبي بكر: اصعد المنبر.
فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني الزهري، حدثني أنس بن مالك، قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر، وقام عمر فتكلم قبل أبى بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلى رسول الله صلى