يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص في الحال (1) من الزمان الذي هم عليه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ما يخرج في غزوة إلا كنى عنها، إلا ما كان من غزوة تبوك فإنه بينها للناس لبعد الشقة وشدة الزمان وكثرة العدو الذي يصمد إليه ليتأهب الناس لذلك أهبته، فأمرهم (2) بالجهاز (3) وأخبرهم أنه يريد الروم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بني سلمة: " يا جد هل لك العام في جلاد بني الأصفر؟ " فقال: يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي أنه ما رجل بأشد عجبا بالنساء منى، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ألا أصبر.
فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " قد أذنت لك " ففي الجد أنزل الله هذه الآية: " ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا بالرسول صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيهم: " وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون، فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون ".
قال ابن هشام: حدثني الثقة عمن حدثه، عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة، عن أبيه عن جده قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي - وكان بيته عند