قباء من ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه عليه.
قال: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتعجبون من هذا [فوالذي نفسي بيده] (1) لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا ".
قال ابن إسحاق: ثم إن خالد بن الوليد لما قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم حقن له دمه، فصالحه على الجزية، ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته.
فقال رجل من بني طيئ يقال له بجير بن بجرة في ذلك:
تبارك سائق البقرات إني * رأيت الله يهدى كل هاد فمن يك حائدا عن ذي تبوك * فإنا قد أمرنا بالجهاد وقد حكى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهذا الشاعر: " لا يفضض الله فاك " فأتت عليه سبعون سنة ما تحرك له فيها ضرس ولا سن.
وقد روى ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالدا مرجعه من تبوك في أربعمائة وعشرين فارسا إلى أكيدر دومة. فذكر نحو ما تقدم، إلا أنه ذكر أنه ما كره حتى أنزله من الحصن، وذكر أنه قدم مع أكيدر إلى رسول الله ثمانمائة من السبي، وألف بعير، وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، وذكر أنه لما سمع عظيم أيلة يحنة (2) بن رؤبة بقصة أكيدر دومة أقبل قادما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصالحه، فاجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك. فالله أعلم.