فجلست وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض، قال قلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك.
ثم قال: " إيه يا عدي بن حاتم؟ ألم تك ركوسيا (1)؟ " قال قلت: بلى.
قال: " أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع؟ " قال قلت: بلى. قال: " فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك " قال: قلت أجل والله.
قال: وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل.
ثم قال: " لعلك يا عدى إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم، فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وأيم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم ".
قال: فأسلمت.
قال فكان عدى يقول: مضت اثنتان وبقيت الثالثة، والله لتكونن، وقد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت، ورأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت، وأيم الله لتكونن الثالثة، ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.
* * * هكذا أورد ابن إسحاق رحمه الله هذا السياق بلا إسناد وله شواهد من وجوه أخر.