ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل أخوف على نفسي منك، وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا.
قال: لا أبالك لا تعجل على، والله ما هممت بالذي أمرتني به إلا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟!
وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله عز وجل على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول، فجعل يقول:
يا بني عامر أغدة كغدة البكر (1) في بيت امرأة من بني سلول؟
قال ابن هشام: ويقال: أغدة كغدة الإبل وموت في بيت سلولية!
* * * وروى الحافظ البيهقي من طريق الزبير بن بكار، حدثتني فاطمة بنت عبد العزيز بن موءلة، عن أبيها، عن جدها موءلة بن حميل (2) قال: أتى عامر بن الطفيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: " يا عامر أسلم " فقال: أسلم على أن لي الوبر ولك المدر.
قال: " لا ".
ثم قال: أسلم. فقال: أسلم على أن لي الوبر ولك المدر قال: لا. فولى وهو يقول:
والله يا محمد لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا ولأربطن بكل نخلة فرسا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفني عامرا واهد قومه.
فخرج حتى إذا كان بظهر المدينة صادف امرأة من قومه يقال لها سلولية، فنزل عن فرسه ونام في بيتها، فأخذته غدة في حلقه، فوثب على فرسه وأخذ رمحه وأقبل يجول وهو يقول: غدة كغدة البكر وموت في بيت سلولية! فلم تزل تلك حاله حتى سقط عن فرسه ميتا.