فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة ونقلت من مناقب الخوارزمي عن عبد خير عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: أهدى إلى النبي (ص) قنو موز فجعل يقشر الموزة، ويجعلها في فمي، فقال له قائل: يا رسول الله انك تحب عليا، قال: أو ما علمت أن عليا منى وأنا منه.
قلت: قوله (ص) هو منى وأنا منه، يدل على مكانة أمير المؤمنين عليه السلام ومنزلته، وانه قد بلغ من الشرف والكمال إلى أقصى غايته، وتسنم من كاهل المجد أعلى ذروته ورفعه رسول الله (ص) بما أثبته من تنبيهه على محله منه ونسبته. وبيان هذه الجملة التي أسفر محياها وايضاح هذه المنقبة التي تضوع عرفها وفاح رياها وكشف غطاء هذه الفضيلة التي اتفق لفظها ومعناها، انه لما قال (ص) سلمان منا أهل البيت حصل لسلمان رضي الله عنه بذلك شرف مد أطنابه ونصب على قمة الجوزاء قبابه وفاق به أمثاله من الأصحاب وأضرابه فلما ذكر عليا وخصه (بأنت منى) سما به عن تلك الرتبة، وتجاوز به عن تلك المحلة، ولو اختصر عليها كانت مع كونها متعالية عن رتبة سلمان قريبة منها، فلما قال له: فانا منك أتم المنقبة وكملها، وزين سيرته بهذه الفريدة وجملها فإنها عظيمة المحل، ظاهرة الفضل تشهد لشرفه ومكانه ورجاحة فضله وثقل ميزانه، وذلك لأنها دلت ان كل واحد منهما صلى الله عليهما، أصل للآخر ونازل منزلته، وانه لم يرض ان يقتصر له عليه السلام بان عليا منه حتى جعل نفسه من على صلى الله عليهما وآلهما.
وقد أورد ابن جرير الطبري وابن الأثير الجزري في تاريخهما انه كان صلى الله عليه وآله يقول لعلي في يوم أحد وقد فر من الزحف من فر وقر مع النبي من قر: يا علي اكفني أمر هؤلاء اكفني أمر هؤلاء - إشارة إلى الكفار - وعلي عليه السلام