يجالد بين يديه باذلا نفسه دونه، خائضا غمار الحرب في نصره صابرا على منازلة الاقران ومصاولة الشجعان، ومقارعة صناديد العرب ومصارعة فرسان الجاهلية بعزم لا ينثني وهمة لا تنى وبأس يذل مردة الطغيان ونجدة تقيد شياطين الكفر في أشطان الذل والهوان، فقال جبرئيل: والله يا محمد ما هذه المواساة؟ فقال: هو منى وأنا منه، فقال: وأنا منكما. فانظر إلى هذه الحال التي خص بها الإمام عليه السلام ما أجلها، والمنزلة التي طلب جبرئيل عليه السلام أن ينالها ويتفيأ ظلها، والحديث ذو شجون - أي يدخل بعضه في بعض -.
ومن كتاب المناقب عن عايشة قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وآله التزم عليا وقبله ويقول: بأبي الوحيد الشهيد.
ومن المناقب أيضا عن علي بن أبي طالب قال: كنت أمشى مع النبي صلى الله عليه وآله في بعض طرق المدينة، فأتينا على حديقة وهي الروضة ذات الشجر، فقلت: يا رسول الله ما أحسن هذه الحديقة! فقال: ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها، ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة فقال: لك في الجنة أحسن منها حتى أتينا على سبع حدائق أقول:
يا رسول الله ما أحسنها؟ فيقول صلى الله عليه وآله: لك في الجنة أحسن منها، فلما خلا له الطريق اعتنقني وأجهش باكيا فقلت: يا رسول ما يبكيك؟ قال: ضغاين في صدور أقوام لا يبدونها إلا بعدي، فقلت: في سلامة من ديني؟ قال:
في سلامة من دينك. الجهش: أن يفزع الانسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء كالصبي يفزع إلى أمه وقد تهيأ للبكاء، يقال: جهش إليه يجهش.
والضغائن: الأحقاد.
ومنه عن أسامة بن زيد عن أبيه قال: اجتمع علي وجعفر وزيد بن حارثة فقال جعفر: أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال علي: أنا أحبكم