ولا تكسب من بنى هاشم، وقال أبو سفيان بن الحرث:
لقد علمت قريش غير فخر بأنا نحن أجودهم حصانا وأكثرهم دروعا سابغات وأمضاهم إذا طعنوا سنانا وأدفعهم عن الضراء فيهم وأثبتهم إذا نطقوا جنانا ومما يضم إلى جملة القول في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام انه أطاع قبلهم ومعهم وبعدهم، وامتحن بما لم يمتحن به ذو عزم، وابتلى بما لم يبتل به ذو صبر.
وأما جملة القول في ولد علي عليه السلام فان الناس لا يعظمون أحدا من الناس إلا بعد أن يصيبوا منهم وينالوا من فضلهم، وإلا بعد أن تظهر قدرتهم، وهم معظمون قبل الاختبار، وهم بذلك واثقون وبه موقنون فلو لا أن هناك سرا كريما، وخيما (1) عجيبا وفضلا مبينا، وعرقا ناميا لاكتفوا بذلك التعظيم، ولم يعانوا تلك التكاليف الشداد والمحن الغلاظ.
وأما المنطق والخطب فقد علم الناس كيف كان علي بن أبي طالب عند التفكير والتحبير، وعند الارتجال والبدأة، وعند الاطناب والايجاز في وقتيهما، وكيف كان كلامه قاعدا وقائما، وفي الجماعات ومنفردا مع الخبرة بالأحكام والعلم بالحلال والحرام، وكيف كان عبد الله بن العباس رضوان الله عليه الذي كان يقال له الحبر والبحر، ومثل عمر بن الخطاب يقول له: غص يا غواص وشنشنة أعرفها من أخزم، قلب عقول ولسان قؤول، ولو لم يكن لجماعتهم إلا لسان زيد بن علي بن الحسين، وعبد الله بن معاوية بن جعفر، لقرعوا بهما جميع البلغاء وعلوا بهما على جميع الخطباء، ولذلك قالوا: أجواد أمجاد، وألسنة حداد، وقد ألقيت إليك جملة من ذكر آل الرسول يستدل بالقليل منها على الكثير، وبالبعض على الكل، والبغية في ذكرهم أنك متى عرفت هامش (1) الخيم، السحية والطبيعة، ولا مفرد لها. (*)