بالرجوع إليه إذا نابهم أمر، وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وآله فيتدبرونها ويستنبطون منهما ما يزول به الاشتباه، فإذا قرأ قارئهم (وربك يخلق ما يشاء ويختار) فيقال له أثبتها ثم يقرأ (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي قراءة ابن مسعود (إن خيركم عند الله أتقاكم) ثم يقرأ (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشى الرحمن بالغيب) فدلت هذه الآية على أن المتقين هم الخاشعون ثم يقرأ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) فيقال له: إقرأ حتى ننظر هل العلماء أفضل من غيرهم أم لا؟ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) علم أن العلماء أفضل من غيرهم، ثم يقال: اقرأ فإذا بلغ إلى قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) قيل: قد دلت هذه الآية على أن الله تعالى قد اختار العلماء وفضلهم ورفعهم درجات، وقد أجمعت الأمة على أن العلماء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الذين يؤخذ عنهم العلم كانوا أربعة علي بن أبي طالب عليه السلام وعبد الله بن العباس وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وقالت طائفة عمر بن الخطاب فسألنا الأمة من أولى الناس بالتقديم إذا حضرت الصلاة؟ فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وآله قال: يؤم بالقوم أقرؤهم، ثم أجمعوا أن الأربعة كانوا أقرأ لكتاب الله تعالى من عمر، فسقط عمر. ثم سألنا الأمة أي هؤلاء الأربعة أقرأ لكتاب الله وأفقه لدينه؟ فاختلفوا فوقفناهم حتى نعلم، ثم سألناهم أيهم أولى بالإمامة فأجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وآله قال: الأئمة من قريش فسقط ابن مسعود وزيد بن ثابت، وبقى علي بن أبي طالب وابن عباس فسألنا: أيهما أولى بالإمامة؟ فاجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا كانا عالمين فقيهين قرشيين فأكبرهما سنا وأقدمهما هجرة فسقط عبد الله بن العباس وبقى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات
(٤٠)