قول أبى بكر: أنا هو يا رسول الله صلى الله عليك وآلك؟ قال: لا ولو لم يعلما ان ذلك كان علامة من النبي صلى الله عليه وآله تدل على مستحق الامر بعده ما تطاولا إلى طلبته ذلك.
فان قيل: إنما تطاولا لذلك لأنه أمر محبوب إلى كل أحد أن يكون قد امتحن الله قلبه للايمان لا لموضع استحقاق الامر بعده.
قلنا: الذي يدل على أنه لاستحقاق الولاء دون ما عداه قوله صلى الله عليه وآله:
ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فجعل القاتلين سواء لأنه ذكرهما بكاف التشبيه لان انكار التأويل كانكار التنزيل لان منكر التنزيل جاحد لقبوله، ومنكر التأويل جاحد لقبول العمل به، فهما سواء في الجحود، وليس مرجع قتال الفريقين إلا إلى النبي أو إلى من يقوم مقامه فدل على أن الكتابة إنما كانت لاستحقاق الإمامة كما تقدم.
فاما ما ورد في الخبر بلفظ الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى وهو واحد فلا يخلو اما أن يكون الراوي غيره اما غلطا وأما تعمدا للغلط ليضيع الفائدة أو يكون ورد هكذا فان كان الأولان فالواقع من كون المعين واحدا يدل على بطلانه وان كان الثالث فهو كقوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) فذكره سبحانه في هذه الآية في موضعين بلفظ الذين وهو واحد وكذلك قوله تعالى: (وأنفسنا وأنفسكم) على الجمع وهو واحد.
واما قوله عليه السلام: منهم خاصف النعل فلم يرد ان ثم من هو بهذه الصفة ولكنه أراد ان هذه الصفة موجودة فيه لا في غيره، وذلك مثل قوله تعالى:
(ومنهم الذين يؤذون النبي) لم يرد بذلك إلا جميع من قال بهذه المقالة ولم يستثن بعضا من كل.