أذكرها مختصرا لها قال: إعلم حفظك الله ان أصول الخصومات معروفة بينة وأبوابها مشهورة كالخصومة بين الشعوبية والعرب، والكوفي والبصري والعدناني والقحطاني فهذه الأبواب الثلاثة أنقض للعقول السليمة، وأفسد للأخلاق الحسنة من المنازعة في القدر والتشبيه، وفي الوعد و الوعيد وفي الأسماء والاحكام، وفي الآثار وتصحيح الاخبار، وانقض من هذه للعقول تمييز الرجال وترتيب الطبقات، وذكر تقديم على وأبى بكر فأولى الأشياء بك القصد وترك الهوى، فان اليهود نازعت النصارى في المسيح فلج بهما القول حتى قالت اليهود: انه ابن يوسف النجار، وانه لغير رشده، وانه صاحب نيرنج وخدع ومخاريق وناصب شرك وصياد سمك وصاحب شص وشبك فما يبلغ من عقل صياد وربيب نجار. وزعمت النصارى انه رب العالمين وخالق السماوات والأرضين وإله الأولين والآخرين.
فلو وجدت اليهود أسوأ من ذلك القول لقالته فيه، ولو وجدت النصارى أرفع من ذلك القول لقالته فيه، وعلى هذا قال علي عليه السلام: يهلك في رجلان محب مفرط ومبغض مفرط، والرأي كل الرأي أن لا يدعوك حب الصحابة إلى بخس عترة الرسول صلى الله عليه وآله حقوقهم وحظوظهم، فان عمر لما كتبوا الدواوين وقدموا ذكره أنكر ذلك وقال: ابدؤا بطر في رسول الله صلى الله عليه وآله وضعوا آل الخطاب حيث وضعهم الله، قالوا: فأنت أمير المؤمنين فأبى إلا تقديم بنى هاشم وتأخر نفسه فلم ينكر عليه منكر وصوبوا رأيه وعدوا ذلك من مناقبه.
واعلم أن الله لو أراد أن يسوى بين بنى هاشم وبين الناس لما أبانهم بسهم ذوي القربى، ولما قال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) وقال تعالى:
(وانه لذكر لك ولقومك) وإذا كان لقومه في ذلك ما ليس لغيرهم فكل من