وقد أمر بكنس بيت المال ورشه فقال: يا صفراء غري غيري، يا بيضاء غري غيري. ثم تمثل شعرا.
هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه ومنه قال ابن الاعرابي: إن عليا دخل السوق وهو أمير المؤمنين فاشترى قميصا بثلاثة دراهم ونصف، فلبسه في السوق فطال أصابعه فقال للخياط: قصه، قال: فقصه، قال الخياط: أحوصه يا أمير المؤمنين؟ قال:
لا، ومشى والدرة على كتفه وهو يقول: شرعك ما بلغك المحل، شرعك ما بلغك المحل. - الحوص: الخياطة وشرعك: حسبك أي كفاك. - قال ابن طلحة: حقيقة العبادة هي الطاعة، وكل من أطاع الله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فهو عابد ولما كانت متعلقات الأوامر الصادرة من الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وآله متنوعة كانت العبادة متنوعة فمنها الصلاة، ومنها الصدقة، ومنها الصيام إلى غيرها من الأنواع، وفي كل ذلك كان علي عليه السلام غاية لا تدرك، وكان متحليا بها، مقبلا عليها حتى أدرك بمسارعته إلى طاعة الله ورسوله ما فات غيره، وقصر عنه سواه.
فإنه جمع بين الصلاة والصدقة، فتصدق وهو راكع في صلاته فجمع بينهما في وقت واحد، فأنزل الله تعالى فيه قرآنا تتلى آياته وتجلى بيناته.
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي في تفسيره يرفعه بسنده قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ أقبل رجل متعمم بعمامة فجعل ابن عباس لا يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وآله إلا قال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال ابن عباس: سألتك بالله من أنت؟
فكشف العمامة عن وجهه وقال: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله