وجه الله والدار الآخرة، فقال علي عليه السلام: (هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
ثم التحم القتال بين الفريقين واستعرت الحرب بلظاها وأسفرت عن زرقة صبحها، وحمرة ضحاها، فتجادلوا وتجالدوا بالسنة رماحها وحداد ظباها فحمل فارس من الخوارج يقال له الأخنس الطائي وكان شهد صفين مع علي عليه السلام: فحمل وشق الصفوف يطلب عليا عليه السلام فبدره علي بضربة فقتله، فحمل ذو الثدية ليضرب عليا فسبقه علي عليه السلام، وضربه ففلق البيضة ورأسه فحمله فرسه وهو لما به فألقاه في آخر المعركة في جرف دالية على شط النهروان وخرج من بعده ابن عمه مالك بن الوضاح وحمل على علي فضربه علي فقتله، وتقدم عبد الله بن وهب الراسبي فصاح يا بن أبي طالب والله لا نبرح من هذه المعركة أو تأتى على أنفسنا أو نأتى على نفسك، فأبرز إلى وابرز إليك، وذر الناس جانبا، فلما سمع علي عليه السلام كلامه تبسم وقال: قاتله الله من رجل ما أقل حياءه، أما إنه ليعلم انى حليف السيف وخدين الرمح ولكنه قد يئس من الحياة وانه ليطمع طمعا كاذبا، ثم حمل على علي عليه السلام فضربه علي وقتله وألحقه بأصحابه القتلى، واختلطوا فلم يكن إلا ساعة حتى قتلوا بأجمعهم وكانوا أربعة آلاف.
فما أفلت منهم إلا تسعة أنفس رجلان هربا إلى خراسان إلى أرض سجستان وبها نسلهما، ورجلان صارا إلى بلاد عمان وبها نسلهما ورجلان صارا إلى اليمن وبها نسلهما وهم الأباضية، ورجلان صارا إلى بلاد الجزيرة إلى موضع يعرف بالسن والبوازيج والى شاطئ الفرات، وصار آخر إلى تل موزن.
وغنم أصحاب علي عليه السلام غنائم كثيرة، وقتل من أصحاب علي عليه السلام تسعة