منها قدوة شيخها وكهلها وفتاها، وعلم علما لا يعترضه شك أن الله عز وعلا قد أتاه (ع) خصائص تكاد توصف بالتضادد، وحلاه بلطائف تجمع أشتات التعاند، إذ أين هذه الشدة والبطش والغلظة والبأس، والقد والقط وشق الهام وخفة الاقدام، وتجديل الحجاج وإذلال الكماة، والصاق معاطسها الآبية بالرغام من خشوعه وخضوعه، راغبا راهبا وتدرعه من الزهادة والعبادة بسربال سابغ، ورداء سابل، واتصافه (ع) برقة قلب وهموع طرف، وانسكاب دمع، وتأوه حزين، وإخبات منيب، وشعف عيشة وجشب غذاء، وتقلل قوت وخشونة لباس، وتطليق الدنيا وزهرتها، ومواصلة الأوراد، واستغراق الأوقات بها والاشفاق على الضعيف والرحمة للمسكين، والتحلي بخلال خير لا يتأتى إلا لمنقطع في كن جبل لا يصحب انسا ولا يسمع من البشر حسا مع المبالغة في معاتبة نفسه على التقصير في الطاعة وهو مطيل في العبادة هذا إلى فصاحة ألفاظه وبلاغة معانيه، وكلامه المتين في الزهد و الحث على الاعراض عن الدنيا ومبالغته في مواعظه الزاجرة، وزواجره الواعظة، وتذكيره القلوب الغافلة، وايقاظه الهمم الراقدة، مطلقا في إيراد أنواع ذلك لسانا لا يفل عضبه، ولا يكل حده، ولا يسأم سامعه جنا حكمه، ولا ألفاظ بدايعه ولا يمل عند اطالته لاستحلائه واستعذابه بل يفتح السمع إليه مقفل أبوابه، ويرفع له مسبل حجابه.
صفات أمير المؤمنين من اقتفى مدارجها أقنته ثوب ثوابه صفات جلال ما اغتدى بلبانها سواه ولا حلت بغير جنابه تفوقها طفلا وكهلا فأينعت معاني المعالي فهي ملء إهابه مناقب من قامت به شهدت له بازلافه من ربه واقترابه مناقب لطف الله أنزلها له وشرف ذكراه بها في كتابه