للعباس وكان رجلا جهوريا صيتا: ناد في الناس وذكرهم العهد، فنادى العباس: يا أهل بيعة الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، إلى أين تفرون؟
اذكروا العهد الذي عاهدكم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله والقوم على وجوههم قد ولوا مدبرين، وكانت ليلة ظلماء ورسول الله صلى الله عليه وآله في الوادي والمشركون قد خرجوا عليه من جنبات الوادي وشعابه ومضايقه بسيوفهم وعمدهم، فنظر إلى الناس ببعض وجهه فأضاء كأنه القمر ليلة البدر ثم نادى: أين ما عاهدتم الله عليه؟ فأسمع أولهم وآخرهم فلم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض وانحدروا إلى حيث كانوا من الوادي، حتى لحقوا بالعدو فواقعوه، وجاء رجل من هوازن على جمل ومعه راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم إذا أدرك ظفرا من المسلمين أكب عليهم، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتبعوه وهو يرتجز:
أنا أبو جرول لا براح حتى نبيح القوم أو نباح فصمد له أمير المؤمنين فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقطره.
- يقال قطره أي ألقاه على إحدى قطريه أي جانبيه -.
ثم قال:
قد علم القوم لدى الصباح انى في الهيجاء ذو نضاح فكانت هزيمة المشركين بقتل أبى جرول لعنه الله، ثم التأم المسلمون وصفوا للعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم انك أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرهم وبالا وتجالدوا فقام النبي صلى الله عليه وآله في ركائبه فقال: الان حمى الوطيس.
- الوطيس: التنور واستعير للحرب إذا اشتدت، ويقال انها لم تسمع إلا منه صلى الله عليه وآله -.