عن مجالد عن الشعبي وعن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه، وعن أبي السفر وغيرهم قالوا:
بايع أهل العراق بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي، ثم قالوا له: سر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظيم، وابتزوا الناس أمورهم فإنا نرجو أن يمكنا الله منهم.
فسار الحسن إلى أهل الشام وجعل على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة في اثني عشر ألفا وكانوا يسمون شرطة الخميس.
وقال غيره: وجه إلى الشام عبيد الله بن العباس ومعه قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فسار فيهم قيس حتى نزل مسكن والأنبار وناحيتها، وسار الحسن حتى نزل المدائن وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر منبج، فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكره:
ألا إن قيس بن سعد قد قتل. قال: فشد الناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره! وطعنه رجل من بني أسد يقال له: ابن أقيصر / 474 / أ / بخنجر مسموم في أليته فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه ونزل الأبيض: قصر كسرى وقال: عليكم لعنة الله من أهل قرية فقد علمت أنه لا خير فيكم قتلتم أبي بالأمس واليوم تفعلون بي هذا؟!
ثم دعا عمرو بن سلمة الأرحبي فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويسلم له الامر على أن يسلم له ثلاث خصال: يسلم له بيت المال فيقضي منه دينه ومواعيده التي عليه ويتحمل منه هو ومن معه من عيال أبيه وولده وأهل بيته، ولا يسب علي وهو يسمع، وأن يحمل إليه خراج " فسا " و " دارابجر " (1) من أرض فارس كل عام إلى المدينة ما بقي. فأجابه معاوية إلى ذلك وأعطاه ما سأل.
ويقال: بل أرسل الحسن بن علي عبد الله بن الحرث بن نوفل إلى معاوية حتى أخذ له ما سأل وأرسل معاوية عبد الله بن عامر بن كريز وعبد الرحمان بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما سأل وما أراد، ووثقا له، فكتب إليه الحسن أن أقبل. فأقبل من جسر منبج إلى مسكن في خمسة أيام وقد دخل اليوم السادس فسلم إليه الحسن الامر وبايعه، ثم سارا جميعا حتى قدما الكوفة فنزل الحسن القصر ونزل معاوية النخيلة فأتاه الحسن في عسكره غير مرة، ووفى معاوية للحسن ببيت المال وكان فيه يومئذ سبعة آلاف ألف درهم، واحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة، وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع ودس معاوية إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن (2) فقالوا: لا تحمل فيئنا إلى غيرنا يعنون