على شماله وعلى زياد يومئذ ذرعان وحريران غير ثيابه، فقد الأشعث ذلك كله حتى وصل السيف إلى عضد زياد، وقال: خذها وأنا ابن قيس! وأفلت زياد من الأشعث وهو لما به، ثم حمل الأشعث على جميع المسلمين فجعل لا يمر بشئ إلا حطمه وهو في ذلك.
قال: فانهزم زياد وأصحابه حتى دخلوا مدينة حضرموت فتحصنوا فيها، وبلغ ذلك عكرمة بن أبي جهل فكتب إلى زياد يعلمه بالوقت الذي يوافيه فيه، وأنه قد رحل إليه، وأنه يوافيه في يوم كذا وكذا. قال: ففرح زياد وأصحابه بقدوم عكرمة عليهم.
فلما كان ذلك اليوم الذي وعده عكرمة أن يوافيه فيه نادى زياد في أصحابه فركبوا، ثم إنه خرج من مدينة تريم، وإنه ليشد بالأيدي حتى استوى على فرسه وهو لما به من الضربات التي أصابته من الأشعث.
قال: وارتفعت غبرات الخيل من ناحية باب المدينة، فعلم الأشعث أن زيادا قد خرج إليه على علته، فنادى في أصحابه فركبوا، ثم سار نحو زياد بن لبيد على غير تعبية، فلما تلاقت الخيلان جعل الأشعث يجول في ميدان الحرب، قال: فلم يجبه زياد إلى شئ، واختلط القوم فاقتتلوا ساعة، وهمت خيل زياد بالفرار غير مرة وكان زياد يمنيهم بقدوم عكرمة عليهم ويسألهم صبر ساعة. قال: فبينما المسلمون كذلك إذا خيل عكرمة قد أشرفت عليهم في تعبية حسنة وخيل عتاق وسلاح شاك ورجال جلدين.
قال: ونظرت قبائل كندة إلى خيل عكرمة قد أشرفت عليهم، فصاحوا بالأشعث: ما ترى هذه خيل حامية قد أقبلت! ونحن قد تعبنا وخيلنا قد كلت وعامتنا جرحي، قال: فشجعهم الأشعث وأمرهم بالصبر ونهاهم عن العجز والفشل. قال:
فاختلطت خيل عكرمة وخيل زياد فصاروا في موضع واحد (1)، ثم اجتمعوا وحملوا على الأشعث وأصحابه فلم يزل واحد منهم عن لكنهم أشهروا السلاح في وجوه القوم