أبو قرة الكندي مغضبا فقال: يا أشعث لا والله ما يوافقك أحد منا على مثل هذا الامر أبدا! تقتل الرسول بلا ذنب كان منه ولا سبيل لك عليه، ثم أقبل أبو قرة على قومه من كندة فقال: انصرفوا ولا تقيموا فإن الصواب عندي الرحيل عن هذا الرجل وإلا فتوقعوا العقوبة. قال: ثم وثب أبو الشمر الكندي فقال: يا أشعث! لقد ركبت عظيما من الامر بقتلك من لا ذنب له، وذلك أنا نقاتل من يقاتلنا، فأما قتل الرسول فلا، لان الرسول لا يجب عليه القتل لأنه مأمور. فقال الأشعث: يا هؤلاء! لا تعجلوا فإنه قد شهد علي وعليكم بالكفر، وبعد فلم آمر بقتله ولا ساءني ذلك، قال: فوثب الجبر بن القشعم الكندي فقال: إنا رجونا أنك تعتذر إلينا بعذر نقبله منك فأجبتنا بما قد أنفرنا عنك، وأيم الله! لو كنت ذا أرب لغيرت هذا ولم تركب العدوان والظلم بقتلك رسولا لا جرم له، قال: ثم نادى الجبر بن القشعم في بني عمه الأرقم فقال: ارحلوا عن هذا الظالم حتى يعلم الله عز وجل أنكم لم ترضوا بما فعل.
قال: فتفرق عن الأشعث عامة أصحابه حتى بقي في قريب من ألفي رجل، وأقبل السكاسك والسكون على زياد بن لبيد والمهاجر بن [أبي] (1) أمية من مدينة تريم في نيف على خمسة آلاف رجل من المهاجرين والأنصار غيرهم من سائر القبائل، والتقى القوم بواد يقال له زرقان (2) قريبا من مدينة تريم فاقتتلوا هنالك ساعة، ونظر الأشعث بن قيس إلى رجل من أصحاب زياد بن لبيد يقال له جفنة بن قتيرة السكوني وإنه يقاتل قتالا شديدا، فحمل عليه الأشعث فطعنه طعنة صرعه عن فرسه وهم أن ينزل إليه فحماه ابن عم له من الأشعث فأفلت وهو لما به، قال: ثم حمل الأشعث أيضا على رجل يقال له السمط بن الأسود السكوني فضربه ضربة أثخنه منها، قال: فولى السمط من بين يدي الأشعث هاربا، ووقف الأشعث في ميدان الحرب فجعل يلوح بسيفه، قال: ثم حمل الأشعث، قال: وحمل مهاجر بن أبي أمية على الأشعث وهو يقول: أنا المهاجر! وحمل عليه الأشعث والتقيا بضربتين فبادره الأشعث بضربة على بيضته وأسرع السيف إلى رأسه، فولى مدبرا، فناداه الأشعث: يا مهاجر! أتعير الناس بالفرار وتفر فرار الحمار، ثم حمل الأشعث بن